تطبيق نهج التعلم القائم على المشاريع في فصول الدمج: المحاولة الأولى لإحدى المعلمات لاستخدام التعلم القائم على المشاريع Implementing the Project Approach in an Inclusive Classroom: A Teacher’s First Attempt With Project-Based Learning (Voices)
You are here
كانت ستيسي ألفونسو معلمة في إحدى الروضات التي تطبيق برنامج الدمج الشامل في مدينة نيويورك حيث يرتاد هذه الروضة أطفال لديهم مجموعة من الاختلافات التعليمية والنمائية الخاصة في الوقت الذي كانت تجري فيه هذا البحث. وفي سعيها لتبني استقصاء علمي يركز على الطفل والذي يعد أساسًا لنهج التعليم القائم على المشاريع، واجهت تحديًا من التوقعات العامة في ثقافة مدرستها وهو أن المنهج وأسلوب التدريس يجب أن يكون موجهًا من قبل المعلمة وليس بالاشتراك مع الطفل. كان بحثها مساهمة قيمة لأنها قدمت أمثلة واضحة ومعقولة لكيفية نجاح النهج القائم على المشاريع مع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأمثلة أخرى للتحديات التي واجهتها لكونه نهجًا جديدًا، ولعدم وجود موجهين وبسبب القدرات التعلمية المختلفة للأطفال. وأكثر ما يميز ستيسي هو نجاحها في توصيل آراء ومنتجات الأطفال مظهرة بذلك قدرتهم الكاملة وحماسهم تجاه القيام بالبحث والاستقصاء العلمي وقيادة تلعمهم بأنفسهم. كانت ثقتها في الأطفال وفرحها باستكشافاتهم نقطة تحول في طريقها المهني، إضافة إلا أن ذلك أفادها في تدريسها حيث تدرس الآن في مدرسة من مدارس الطبيعة.
أحد أهم التحديات التي واجهتها أثناء تدريسي في الفصول المدمجة في الروضة كان اللجوء إلى أسلوب التدريس أو التعليم المتمايز. فقد كنت أبحث باستمرار عن طرق لأجعل جميع الأطفال يشاركون لأن قدراتهم وحاجاتهم المختلفة تطلبت مني أن أقدم وسائل تعلم متنوعة. كانت المدرسة التي أعمل فيها تتبنى منهاجًا دراسيًا مقسمًا إلى مواضيع رئيسية، ومدعومًا بإطار يوجه أنشطة الفصل وتعلم الأطفال. وكنت بدوري أتبنى هذا النهج أيضًا حتى اكتسبت الخبرة التعليمية والتربوية وتعلمت أكثر عن نمو الطفل وحينها بدأت أشكك في النهج الذي أتبناه وأبحث عن طرق بديلة.
أردت أن يكون الأطفال في فصلي متحمسين ومشاركين بالفعل ومندفعين للتعلم، وأردتهم أن يتولوا مسؤولية تعلمهم وأن يتولوا قيادة خبراتهم الخاصة. نعم كان الأطفال يتعلمون لكني شعرت بأنه يجب أن تكون تجاربهم شخصية أكثر مما كنت قادرة على تقديمه من خلال استخدام المنهج الذي تختاره المعلمة. وفكرت بأن السبيل الأمثل لتحقيق ذلك يكون من خلال توفير بيئة مفتوحة يكون للأطفال فيها مطلق الحرية للاستكشاف وتتبع اهتماماتهم. ولكن كيف لكل ذلك أن يحصل مع النهج الذي تتبناه مدرستي الحالية؟ وجدت جوابًا لسؤالي عندما اكتشفت النهج القائم على المشاريع .
أظهرت المؤلفات التي قرأتها وجود علم تدريس قادر على تشجيع ومشاركة الأطفال ذوي القدرات المختلفة متيحًا لهم الحرية لاستكشاف اهتماماتهم الخاصة، وفي نفس الوقت يوفر إطارًا كافيًاٍ يتناسب مع ثقافة مدرستي الحالية (Harris & Gleim 2008; Beneke & Ostrosky 2009; Katz, Chard, & Kogen 2014). كان سؤال بحثي لهذه الدراسة: كيف أستطيع أن أطبق النهج القائم على المشاريع في فصلي المدمج في روضة لديها تاريخ في تبني المنهج الدراسي المؤطر المبني على اختيار المعلم؟
استعراض للمؤلفات والمراجع
كان جون ديوي من أوائل الذين اقترحوا أن الطريقة المثالية لتعلم الأطفال هي أن يخططوا لأنشطتهم بأنفسهم ومن ثم ينفذون هذه الخطط. وبالتالي تكون هناك فرص لنوع من التدريس المتعدد المستويات، والتعلم التعاوني، ودعم الأقران، والتعلم الفردي (Harris & Gleim 2008). لاحظت الكثير من المعلمات اليوم أن التعليم القائم على المشاريع يتوافق مع أهداف ديوي (Beneke & Ostrosky 2009; Yuen 2009; Brewer 2010). وعمومًا فإن نهج التعليم القائم على المشاريع يعد مُمَكِنًا للأطفال لأنه يجعل منهم مشاركين نشيطين في تشكيل تعلمهم (Harris & Gleim 2008; Harte 2010; Helm & Katz 2011).
نهج التعليم القائم على المشاريع: نظرة عامة
يظهر أن نهج التعليم القائم على المشاريع متناسب مع هدفي في إيجاد طريقة جديدة لحث وتشجيع الطلاب على التفاعل والمشاركة في فصلي مع مراعاة الاحتياجات المختلفة. ويقترح بحثي أيضًا بأن هذه النهج سينتج منهجًا دراسيًا منظمًا يمكن تطبيقه مباشرة. نهج التعليم القائم على المشاريع يجعل الأطفال يشاركون في عملية تحر وبحث عميقة عن موضوعات مهمة تطورت من خلال طرح أسئلة حقيقية (Mitchell et al. 2009; Katz & Chard 2013). ودور المعلمات يكمن في دعم الأطفال خلال عملية بحثهم واستقصائهم العلمي، وجعلهم مسؤولين عن تعلمهم وإرشادهم لتوثيق وكتابة تقارير عن استكشافاتهم وإعطائهم فرصًا للاختيار (Katz & Chard 2013; Katz, Chard, & Kogen 2014).
وكان مما شجعني أن نهج التعليم القائم على المشاريع يستخدم تصميمًا محددًا بثلاث مراحل، وهذا الإطار يبدو متوافقًا مع ثقافة مدرستي. فخلال المرحلة الأولى يكون اختيار الموضوع، وفيها تبني المعلمة تجارب مشتركة من خلال التحدث مع الأطفال عن تجاربهم الشخصية لتحدد الاهتمامات وتساعدهم على صياغة أسئلة محددة لكل موضوع يطرح (Mitchell et al. 2009; Yuen 2010; Helm & Katz 2011; Katz & Chard 2013).
المرحلة الثانية فهي مرحلة جمع البيانات، وفيها يتم التركيز على الخبرات العملية المفيدة. فالأطفال باحثون يحصلون على معلومات جديدة أثناء جمعهم للبيانات للإجابة على أسئلتهم. وتشكل هذه المرحلة القسط الأكبر من عملية التحري وال بحث الخاصة بالمشروع، وتكون من خلال تجارب حقيقية ومباشرة مثل الرحلات الميدانية والفعاليات والمقابلات مع الخبراء الزائرين ( Harte 2010; Katz & Chard 2013). ويستطيع الأطفال أيضًا جمع البيانات من مصادر ثانوية مثل الكتب والصور ومقاطع الفديو والمواقع الإلكترونية .
المرحلة الثالثة مرحلة الفعالية الختامية، وهو وقت الختام للتجربة، وتكون عادة من خلال حدث أو نشاط تلخيصي (Mitchell et al. 2009). ويستمر دور الأطفال المحوري ويعقد الفصل نقاشات عن الأمور التي تعلموها لوضع خطة يطرحون من خلالها أفكارهم (Harte 2010).
منهجية وتصميم البحث
بعد القراءة بتوسع عن نهج التعليم القائم على المشاريع شعرت بأني مستعدة لتطبيقه في فصلي.
المكان والمشاركون
أجريت دراستي في روضة خاصة صغيرة في الجزء الغربي الأقصى من مدينة نيويورك، ولهذه الروضة تاريخ عريق في الحي، والعائلات هناك تحب المعلمات وتثق بهن. كانت الروضة تعتمد نموذج المناهج الدراسية التقليدي للمنهج القائم على اختيار المعلمة والمنهج القائم على الموضوعات الأساسية، وبحسب علمي لم تكن هناك محاولات لتغييره أو تعديله.
اشتملت الدراسة على 13 طفلًا من أطفال الروضة وزميلتين من المعلمات وأنا معهم. كان الأطفال يتمتعون بقدرات مختلفة. فسبعة منهم كانت لديهم مشاكل واضحة في التكامل الحسي (أو المعالجة الحسية;، واثنان منهم كانا يعانيان من تأخر لغوي وإدراكي حاد، وأربعة كان لديهم تأخر لغوي بسيط أو مشاكل بسيطة في التكامل الحسي. يستطيع أغلب الأطفال المسجلين في الروضة الحضور والمشاركة بشكل مستقل، لكن بعضهم يحتاج لدعم فردي مع أخصائي علاجي.
جمع وتحليل البيانا ت
جمعت وحللت البيانات خلال الدراسة باستخدام الملاحظات الميدانية ودفتر اليوميات للمراجعة وعمل الأطفال والسجلات القصصية بما في ذ لك الصور ومقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية، وكانت الملاحظات الميدانية مصدري الأساسي لجمع البيانات والتي استخدمتها يوميًا لكتابة تأثير منهج التعليم القائم على المشاريع على الأطفال. وساعدني تطبيق ملاحظات المعلمة (Teacher Notes) على الآيباد والآيفون في جمع وتحليل البيانات من الملاحظات الميدانية. كما احتفظت بمدخلات تخطيط المشروع مستخدمة دفترًا وتطبيق إيفرنوت على الآيباد. أتاحت لي هذه البرمجيات المرونة حيث كانت متاحة على الآيباد والآيفون والكمبيوتر وبالتالي كنت قادرة على أخذ الكثير من الملاحظات ومراجعة خططي وتنفيذي لها.
مساعدة الأطفال على فهم أنهم قادرين على إيجاد إجابات لأسئلتهم أحدث فرقًا
جمعت عينات لأعمال الأطفال مثل كتاباتهم ورسوماتهم وأعمالهم الفنية فساعدتني هذه العينات في تقييم تطور الأطفال وأصبحت أيضًا مصدرًا إضافيًا لتوثيق زيادة مشاركة الأطفال خلال المشروع. وأخيرًا، استخدمت مقاطع الفديو والتسجيلات الصوتية والصور لتوثيق الأطفال وهم يقومون بالأعمال.
وكنت أقرأ وأراجع الملاحظات الميدانية لأحدد المواضيع الناشئة مرة في الأسبوع على الأقل، ومرتين على الأقل في كل أسبوع أراجع ملاحظاتي في تطبيق إيفرنوت خلال وقت الإعداد ليساعدني على التخطيط. كما كنت أراجع وأنظم عمل الأطفال باستمرار مستخدمة تطبيق ملاحظات المعلمة، وكنت أستمع وأشاهد مقاطع الفديو وتسجيلات الصوت أولًا بأول ملاحظةً مواضيع مثل استخدام الأطفال لمصطلحات البحث أو عملهم بشكل مستقل لإيجاد إجابات على أسئلتهم.
ساعد تنظيم هذا التحليل المستمر كثيرًا في تحليل بياناتي التلخيصية. فباستخدام ملاحظات المعلمة، قمت بأخذ الملاحظات الميدانية القابلة للتطبيق ومصادر البيانات في العديد من الترتيبات المختلفة. وبعد ذلك قمت بطباعة وفرز الملاحظات يدويًا مما أتاح لي وسائل لاكتشاف الموضوعات التي حددت نطاق نتائجي .
النتائج
رأيت الأطفال يشاركون بسعادة ويظهرون الحماس للتعلم أثناء تطويرنا للمشروع والذي كان عبارة عن (دراسة عن الحي; كما كنت آمل. ولكن على أي حال لم تخلُ الرحلة من التحديات والمفاجآت والتي لم تسجل في المؤلف الذي راجعته. لقد قسمت نتائجي إلى ثلاث موضوعات: 1. الأطفال كباحثين 2. التعلم والنمو من خلال البحث 3. تحديات في الفعالية الختامية.
الأطفال كباحثين
بغية تعريف الأطفال بمدرستهم الجديدة وممارسة لبعض مهارات البحث؛ بدأنا السنة الدراسية بمشروع صغير يعتمد على اختيار المعلمة وكان عن المدرسة وذلك قبل أن نبدأ بالمشروع القائم على اختيار الطفل. عرفت أنا وزميلاتي مصطلحي (البحث) و (التحري) للأطفال وفي وقت قصير تعلم الأطفال هذه المصطلحات. فعلى سبيل المثال قاد سؤال عن مطبخ المدرسة أحد الأطفال أن يقول بحماس “ لقد تفحصت المطبخ ووجدت الآيسكريم!"
كان تفاعل الأطفال جيدًا مع جهودي المقصودة في احترام أسئلتهم بما فيها الأسئلة التي لم تكن مرتبطة مباشرة بمحتوى المشروع، فمرة بعد بدايتنا لمشروع الحي بفترة قصيرة كان مجموعة من الأطفال يقومون بعمل فني باستخدام أصابع الصمغ وسألت إحدى الطفلات "لماذا توجد خطوط على هذا الصمغ؟" أخذت سؤالها على محمل الجد وقلت لها: "لا أعلم ولكن دعينا نكتشف لماذا." اندمجت الطفلة في الفصل تمامًا منذ تلك اللحظة ووضعنا خطة لنبحث عن جواب لسؤالها. قررنا أن نفتح علبة الصمغ وننظر داخلها. لم تكن الطفلة تتوقع أنني سأرحب بسؤالها بهذه الطريقة، ولم تتوقع أنني سأقوم بتجربة حديثة من خلال تحطيم أصابع الصمغ لأشبع فضولها .
لاحظت بعد عدة أسابيع أن الأطفال بدأوا باستخدام مصطلحات البحث ونُهُج الاستقصاء العلمي بشكل مستقل أكثر من السابق. فقد كنا مرة نقرأ قصة وبعدها بدأنا بالنقاش حول أوجه الشبه والاختلاف بين حينا والحي الذي في القصة. فقالت إحدى الطفلات: “ليست لدينا مغسلة في الحي لأن أمي تقوم بهذا العمل في المنزل." فاختلفت معها طفلة أخرى في الرأي. ثم قالت طفلة ثالثة: “نستطيع أن نذهب في رحلة في الحي ون تأكد من ذلك.” كنت مسرورة جدًا عندما رأيت محادثة الأطفال ف يما بينهم وفيها أساس من الاستقصاء العلمي. فتركيزنا على مساعدة الأطفال على فهم أن باستطاعتهم إيجاد الإجابات عن أسئلتهم قد أحدث بالفعل فرقًا.
بالإضافة إلى إيجاد الإجابات من خلال التجارب المباشرة تعلم الأطفال أيضًا أنهم قادرون على إيجاد الإجابات من الكتب. في البداية احتاجوا إلى التوجيه، وإلى طرح أسئلة إرشادية تساعدهم على تحديد مصادر ثانوية ولكن مع الوقت تطورت قدراتهم. فمثلًا، تساءل الأطفال مرة عن وسائل النقل الموجودة في الحي، وفي منتصف شهر سبتمبر جلس مجموعة من الأطفال في الحديقة وبدأوا بذكر وسائل النقل بما فيها السيارات العادية وسيارات الأجرة والحافلات والدراجات والشاحنات وسيارات الإسعاف. وبعد العودة من هذه الرحلة البحثية، أراد أحد الأطفال أن يصنع حافلة من عجينة الصلصال. فذهب أحد زملائه إلى رفوف المكتبة وأخذ كتابًا فيه صور حافلات وذلك بدون طلب من المعلمة. ومن ثم بدأ الطفلان بالنظر إلى الكتاب معًا محاولين فهم أجزاء الحافلة ومن ثم صنعها بالصلصال. لقد كان هذا التغيير مهمًا فلقد اتضح أن الأطفال يقومون بإجراء الأبحاث بمفردهم. وبما أننا دخلنا في شهر سبتمبر فلقد أصبح البحث جزءًا هامًا من فصلنا الدراسي وتطورت مهارات ونهج الأطفال خلال فصل الخريف.
التعلم والنمو من خلال البحث
أحد الجوانب المهمة في نهج التعليم القائم على المشاريع هو توفير الفرص للأطفال في المشاركة في تجارب مباشرة وهادفة ( Harris & Gleim 2008; Harte 2010; Helm & Katz 2011 ;. ووجدت أنه قد اتيحت للأطفال فرص متواصلة للتعلم والنمو في جميع المجالات النمائية من خلال مشاركتهم الفعالة في المشروع الذي ساعدوا في بنائه بأنفسهم. فتعلم الأطفال التحري والبحث أثناء الرحلات المنظمة التي كانت تقوم بها المعلمة إلى الحي للإجابة عن الأسئلة التي تطرح في المحادثات أو المناقشات الجماعية. كنا نتجنب الإجابة عن أسئلة الأطفال وعوضًا عن ذلك استخدمنا طريقتنا المعتادة في القيام بالرحلات لمساعدة الأطفال على استكشاف الإجابات وبناء مهاراتهم الاستقصائية.
حدث موقف ظهر فيه الاستقصاء العلمي لدى الأطفال وهو عندما أرادت طفلتان التوسع في نشاط لرسم لوحة كبيرة لحينا. كان هدف الأطفال المبدئي هو التأكد من احتواء الحي على أشياء مثل اللوحات الإرشادية وصنابير إطفاء الحريق وبعض المحلات التجارية والأشجار واستطعنا الإجابة عن هذه الأسئلة في إحدى رحلاتنا. وبعد الرحلة تعاون الأطفال في تلخيص الأشياء التي وجدناها وأكملوا القوائم التي كتبناها مسبقًا. وقد جعلت القائمة متاحة للأطفال ليكون بوسعهم إضافة رسومات لأشياء لاحظوها في رحلتهم ولم تكن موجودة في القوائم التي كتبناها مسبقًا، وأكملت الطفلتان هذا النشاط. وبدأتا برسم رسومات صغيرة على الورقة، وبعد ذلك أدركن أنهن بصدد الانتقال إلى شيء أكبر، وقامتا بقلب الورقة “ل رسم حينا”.
قادت تلك المهمة التي اختارها الأطفال إلى فرص عديدة من التطور والتعلم، فعندما تناقشت الطفلات عن المحلات الموجودة في الحي أظهرن بذلك تعاونًا طورن من خلاله مهاراتهن اللغوية والاجتماعية كذلك من خلال التفاوض حول رسم أجزاء الحي وتكفل كل واحدة منهن برسم جزء منه. وبتذكرهن لتفاصيل شاهدنها في الحي أضفن وعززن من معارفهن. واستخدمن مهارات العضلات الصغرى أثناء الرسم مع مراعتهن للتفاصيل الصغيرة. وبعد انتهائهن من الرسم عرضن اللوحة بكل فخر ليشاهدها الآخرون في الفصل. وكان ذلك فرصة عاطفية واجتماعية رائعة.
وأحد الأمثلة الأخرى هي اهتمام الأطفال بالسقالات المعدنية التي لاحظوا وجودها حول المباني. فبعد رحلة قمنا بها سابقًا شاهدنا فيها مبنى محاطا بالسقالات. عاد أحد الأطفال إلى الفصل ورسم بحماس صورة "مبنى العمال". وفي رحلتنا التالية، ركزنا أكثر في السقالات، وشجعنا الأطفال على لمسها واستكشافها عن قرب. وفي اليوم التالي، قام الطفل نفسه الذي رسم مبنى العمال ببناء مبانٍ محاطة بالسقالات في ركن المكعبات. وكان قد تحدث مع أحد أقرانه وتعاونوا في بناءها، وكلاهما استخدم الكلمة الجديدة (السقالات) بشكل صحيح. قاموا بموازنة المكعبات، وتحدثوا عن التناظر أثناء عملهم في البناء . وبعد عدة أسابيع، عندما ناقشنا كيفية صنع نموذج لحينا للفعالية الختامية لنعرض ما تعلمناه، لاحظ الأطفال أننا سنحتاج إلى السقالات لأن "لدينا الكثير منها".
لقد لاحظت أن الخبرات العملية النشطة المشتركة في نهج المشروع ساعدت أيضًا بعض الأطفال على التركيز أثناء المهمة. فلقد كان أحد الأطفال يظهر حماسًا للمشاركة، ولكن كان من الصعب بالنسبة له أن يساهم بطريقة فعالة ويركز أثناء وجوده في الفصل. أحب هذا الطفل رحلاتنا حول الحي وكان قادرًا على التركيز في الموضوع أثناء نقاشنا عن المباني وكان في نفس الوقت يلمس السقالات وينظر إليها. ولقد ساهم ببعض المحادثات المرتبطة بالموضوع بينما كنا نجيل النظر في نوافذ المحلات. ولاحقًا استطاع أيضًا أن يرسم لوحة للمدرسة وقال: “هذه مدرستنا ويوجد فيها سقف وباب ونافذة.” كانت اللوحة من أكثر لوحاته دقة، وقد أكملها مباشرة بعد تحرينا وبحثنا في المبنى الذي تقع فيه مدرستنا.
تحديات أثناء الفعالية الختامية
أظهر الأطفال خلال الدراسة الكثير من الحماس أثناء قيامنا برحلاتنا البحثية وكانوا يركزون دائمًا ويجدون في عملهم في الفصل. ولكن الأطفال في نهاية شهر أكتوبر بدأوا بتغيير اهتمامهم، وبدوا مهتمين بأوراق الأشجار وبحقلٍ قريب من المدرسة يركضون بين الأكوام المتجمعة من أوراق الشجر. لقد قل اهتمامهم باستكشاف الحي فأدركنا حينها أنه يجب إنهاء مشروع دراسة الحي ومشاركة الأشياء التي تعلمها الأطفال (المرحلة الثالثة;. ولكن ظهرت صعوبات كبيرة في الفعالية الختامية والتي لم تكن في الحسبان.
فعندما اقترحت على الأطفال إنهاء المشروع لم يظهروا اهتمامًا يذكر. ومن باب التمهيد، بدأت بمناقشتهم في الفصل وقلت: “لقد تعلمنا الكثير عن حينا، وسيكون رائعًا إن شاركنا هذه المعلومات مع الفصل الآخر والإدارة ووالديكم.” وحين طلبت منهم تقديم أفكارهم نظروا إل ي نظر ات مليئة بالحيرة، وبعدها أجابت طفلة وقالت: “لا أعلم.” وعندما ذكرت لهم بأن الأباء سيفرحون بمعرفة الأشياء التي كنا نقوم بفعلها رد طفل آخر بالحديث عن عائلته. وأخيرًا وبعد الكثير من التشجيع، قررنا بناء نموذج لحينا ودعونا أولياء الأمور للحضور ومشاهدته. وفي اليوم التالي عقدت اجتماعًا تخطيطيًا قصيرًا مع الأطفال لنكتشف كيف يمكننا بناء حينا. وأحضرت لهم بعض المواد ليستخدموها مثل أعواد الغليون وصحون ورقية ومصاصات بلاستيكية ولافتات وصناديق ومواد للرسم. كنت آمل أن التنوع في المواد سيعطيهم شيئًا ملموسًا للعمل عليه و تحفيز أفكارهم، ولكنهم بدوا وكأنهم مكرهين للقيام بذلك ولم يشاركوا مشاركة حقيقية. قال أحد الأطفال: “نحتاج الكثير من المباني”، ولكنه لم يستطع تقديم اقتراحات في كيفية بنائها. وقالت طفلة أخرى إننا نحتاج لصنع دراجات مثل التي رأيناها وتحدثنا عنها أثناء نقاشنا عن وسائل النقل في الحي.
وعندما سألتها كيف يمكننا صنعها؟ قالت بأنه يجب علينا رسمها، وأصبح هذا جوابها التلقائي عندما أسأل عن كيفية تمثيل أو صنع الأشياء التي رأيناها في الحي. لقد كان من الصعب على الأطفال التركيز على الخطة الختامية. فمثلًا تحدث أحد الأطفال فقط عن عظام الدينوصورات التي رأيناها في المتحف الأمريكي لتاريخ الطبيعة.
وفي وقت لاحق من الأسبوع، بدأت العمل مع الأطفال فرديًا وضمن مجموعات صغيرة للتوسع في بعض خططهم المبدئية الخاصة بعرض حينا وتنفيذها. أخبرنا حينها أحد الأطفال بأننا نحتاج إلى الأشجار في الحي. وبعد حديثي معه عن الأشجار وضعنا خطة لصنع الأشجار باستخدام لفات/اسطوانات المناديل الورقية لتمثل جذوع الأشجار والمناديل للأوراق. واستطاع مع الدعم المشاركة في صنع الأشجار بنجاح وفخر.
كان عملنا في الغالب مع مجموعات صغيرة خلال الأسبوع، واستطعنا أن نبني نموذجًا جذابًا ومتكاملًا للحي على أحد الطاولات الحسية. كانت المنتج النهائي جميلًا، ولكن العملية لم تكن حقيقية لأنها تطلبت الكثير من توجيه المعلمة.
وفقًا لأدبيات نهج التعليم القائم على المشاريع فإن الفعالية الختامية هي الوقت الذي يكون في ه الأطفال مبدعين ويشاركون في عملية التخطيط (Harte 2010; Katz & Chard 2013). ولقد قرأت عن الكثير من الفعاليات الختامية الناجحة، فلماذا كان ختام المشروع صعبًا جدًا لنا؟ ربما لأنني انتظرت لوقت طويل. وما أن أدركت أنه يجب علينا أن نخطط للنشاط الختامي كان اهتمام الأطفال في مشروع الحي قد اختفى بالفعل. ولربما كانت الفعالية الختامية فكرة مجردة للأطفال لاسيما أنني كنت أول من يجرب نهج التعليم القائم على المشاريع في المدرسة. فلم تكن لدينا أمثلة نستطيع استعراضها أو أحداث سبق ومر بها الأطفال. وبالرغم من افتراضي الأساس ي أن هؤلاء الأطفال يتمتعون بكفاءة وقدرة إلا أنني تساءلت كيف لخلط قدرات الأطفال في فصل يطبق نظام الدمج أن يجعل تطبيق المرحلة الختامية باختيار الأطفال أصعب مما توقعت.
وأدركت في النهاية أن الأطفال استطاعوا إنهاء العديد من المهام المعقدة خلال المشروع. ومن بين مجموعات الأطفال التي درستها تلك السنة وكوني جديدة في تطبيق نهج التعليم القائم على المشاريع والعوامل الأخرى التي أثرت على صعوبة إنهاء المشروع فقد كان تخطيط وتنفيذ مرحلة الفعالية الختامية للمشروع الأصعب والأكثر احباطًا.
مناقشة وتوصيات
وفرت دراسة البحث هذه للمعلمات مثالًا لتجربة معلمة لنهج التعليم القائم على المشاريع في روضة صغيرة تطبق نظام الدمج، ودون أن تتلقى أي شكل من أشكال التدريب الرسمي أو الدعم. لقد اجهتُ بعض المقاومة من الإدارة وشكوكًا من زملائي لأنهم كانوا غير متأكدين مما إذا كان هذا النهج مناسبًا لبعض الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في الروضة. كما أثبتت لي هذه الدراسة أن الانتقال من منهج قائم تمامًا على اختيار المعلمة إلى منهج ناشئ يعد نقلة كبيرة. قد يكون نهج التعليم القائم على المشاريع جذابًا للأطفال ومعينًا لهم للمشاركة في الفصل، ولكن لعله كان من الأفضل وجود مشرف يرشدني خلال الصعوبات والتساؤلات التي واجهتها.
أغلب خبراتي كانت تعكس الأشياء التي فهمتها عن الموضوع. وكما يقترح المرجع الذي قرأته (Beneke & Ostrosky 2009; Yuen 2009; Harte 2010) فإني رأيت الأطفال متحمسين للتعلم بناء على الأسئلة الت ي يطرحونها والمواضيع التي تثير اهتماماتهم. وبالإتفاق مع ما ذكره المؤلف فإن الأطفال أيضًا أظهروا حماسًا للقيام بالبحث والتحري بأنفسهم للوصول للإجابات. وقد شعرت بأن المشروع كان عبارة عن تجربة تمكين للأطفال. فعندما نستخدم أسئلة الأطفال لإطلاقث دراسة ما، أو ببساطة عندما نتابع أسئلتهم ونساعدهم للوصول للإجابات نشعرهم بالاحترام والفخر. يدرك الأطفال الآن بأن لديهم الإمكانية لإيجاد الإجابات وإجراء الأبحاث. ويدركون أيضًا أنه ليس فقط المعلمين والكبار هم وحدهم القادرون على إجابة الأسئلة بل الأطفال كذلك.
الشيء الوحيد الذي لم يتناسب مع ما تعلمته من المؤَلف كان تجربتي مع الفعالية الختامية. فلقد كان التحدي كبيرًا لمجموعتي التي كانت تضم متعلمين ذوي قدرات مختلفة بالرغم من أني أعتقدت في بداية الأمر أن نهج التعليم القائم على المشاريع يقدم فرصًا عظيمة للمتعلمين المختلفين. وعمومًا، أعتقد بأن الأطفال في هذا الفصل استفادوا من عدة نواحٍ خصوصًا عند وصولنا للفعالية الختامية. ولذلك أعتقد أنه عند إنهاء مشروع في فصل يطبق الدمج فإنه يجب علي أن أبحث عن موازنة أفضل بين الأفكار الموضوعة مسبقًا وتلك التي يبادر بها الأطفال.
الخاتمة
قادتني هذه الدراسة إلى الاعتقاد بأن هناك فوائد ملحوظة لتعلم الأطفال من خلال الاستقصاء العلمي والتحري والبحث. ومنذ إجراء هذا البحث انتقلت لمدينة أخرى وعملت في بيئة تعلم مختلفة جدًا. أدرس حاليًا في مدرسة في الطبيعة حيث البيئة عملية ومليئة بالاستقصاء العلمي. يجد الأطفال باستمرار فرصًا للتحري والبحث، وبسبب بحث المعلمة في نهج التعليم القائم على التدريس فقد استثمرت تلك اللحظات وحولتها إلى تعلم قائم على الاستقصاء العلمي. لقد كان أعظم ما تعلمته من عملي في نهج التعليم القائم على المشاريع هو أنه عندما يتعلم الأطفال أن يسألوا فهم يتعلمون كيف يتعلمون. فهم ممكنون لطرح الأسئلة والبحث عن إجابات لها. وإني آمل أنه من خلال هذا التمكين سيصبح الأطفال محبين للتعلم حبًا يبقى معهم طيلة حياتهم.
المراجع
Beneke, S., & M.M. Ostrosky. 2009. “Teachers’ Views of the Efficacy of Incorporating the Project Approach Into Classroom Practice With Diverse Learners.” Early Childhood Research & Practice11 (1).
Brewer, R.A. 2010. “The Canada Goose Project: A First Project With Children Under 3.” Early Childhood Research & Practice 12 (1).
Harris, K.I., & L. Gleim. 2008. “The Light Fantastic: Making Learning Visible for All Children Through the Project Approach.” Young Exceptional Children 11 (3): 27–40.
Harte, H.A. 2010. “The Project Approach: A Strategy for Inclusive Classrooms.” Young Exceptional Children 13 (3): 15–27.
Helm, J.H., & L.G. Katz. 2011. Young Investigators: The Project Approach in the Early Years. 2nd ed. Early Childhood Education Series. New York: Teachers College Press; Washington, DC: National Association for the Education of Young Children.
Katz, L.G., & S.C. Chard. 2013. “The Project Approach: An Overview.” In Approaches to Early Childhood Education, 6th ed., eds. J. Roopnarine & J.E. Johnson, 268–84. Upper Saddle River, NJ: Pearson.
Katz, L.G., S.C. Chard, & Y. Kogen. 2014. Engaging Children’s Minds: The Project Approach. 3rd ed. Santa Barbara, CA: Praeger.
Mitchell, S., T.S. Foulger, K. Wetzel, & C. Rathkey. 2009. “The Negotiated Project Approach: Project-Based Learning Without Leaving the Standards Behind.” Early Childhood Education Journal 36 (4): 339–46.
Yuen, L.H. 2009. “From Foot to Shoes: Kindergartners’, Families’ and Teachers’ Perceptions of the Project Approach.” Early Childhood Education Journal 37 (1): 23–33.
Yuen, L.H. 2010. “A Valuable Experience for Children: The Dim Sum and Chinese Restaurant Project.” Early Childhood Research & Practice 12 (1): 23–31.
Voices of Practitioners: Teacher Research in Early Childhood Education, NAEYC’s online journal, is a vehicle for publishing teacher research.
Visit NAEYC.org/publications/vop to learn more about teacher research and to peruse an archive of Voice of Practitioners articles.
Photographs: 1 © iStock; 2, 3, courtesy of the author
Stacey Alfonso, MSEd, is a lead teacher at Fiddleheads Forest School, a completely outdoor nature-based preschool program in Seattle, Washington. Stacey continues to search for inquiry-based methods to teach young children and help them develop a love for learning.